مدخل إلى عالم صحافة الجوال

مع التطور السريع للأدوات والأجهزة التقنية، كان لابد أن تواكب الصحافة ذلك التغير، خاصةً وأن الأحداث لا تنتظر الصحفي البارع المتمكن ليلتقط اللحظات الذهبية فور حدوثها، وهنا تبرز أهمية الجوال الذى أصبح أحد أهم الممارسات العالمية -التي يقوم بها المتخصص (الصحفي) وغير المتخصص (عامة الناس)- في توثيق الأحداث والحصول على السبق الصحفي، حتى أن بعض المدونات العالمية أتاحت الوصول إليها عبر تطبيقات صُممت خصيصًا لأجهزة الجوالات، حيث أصبح من الممكن إدارة محتوى موقع إلكتروني عبر تطبيقه مباشرةً.

السؤال الأهم.. كيف يمكنك –كصحفي- استغلال ومواكبة هذه التقينات الحديثة من خلال استخدام أدوات جديدة تساعدك على النقلة النوعية في العمل الصحفي الميداني؟

هنا نستعرض بعض الإمكانيات الهائلة التي تقدمها أجهزة الجوال لخدمة العمل الصحفي.

1. كأداة تصوير فوتغرافي

استقطبت مجلة التايمز مصورة برازيلية هاوية تدعى “لويسة دور” لمشروعها عن 46 امرأة سيغيرون العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الغرض من المشروع هو الحصول على صور البورتريه لتلك الشخصيات، والتي استخدمت الهاوية خبرتها في استخدام الجوال لالتقاطها، وهنا أضفت مجلة التايمز لمسة غير تقليدية على المشروع فيما يتعلق ببعض الأدوات الأساسية كالصورة.

ومع الإمكانيات العالية التي تمتلكها أغلب الجوالات والمنافسة القوية بين الشركات لامتلاك أكبر حصة في سوق المستهلكين عبر تحسين معالجة الكاميرا للصورة، أصبح بمقدور الصحفي الاستعانة بجواله والتقاط الصور بشكل احترافي يضمن له الحصول على صور فوتغرافية عالية الدقة، كما أن بعض الشركات المتخصصة في معالجة الصور -كشركة (Adobe)- دشنت تطبيقاتها الخاصة بمعالجة الصور عبر الجوال مباشرةً مما يتيح فرصة أكبر لمعالجة الصور بشكل فوري عبر أجهزة الجوال بدلًا من الكمبيوتر.

خلف الكواليس للمصورة لويسة دور تلتقط عبر جوالها صورة للمذيعة المشهورة أوبرا وينفيري
2. كأداة لتسجيل الصوت

يتطلب العمل في المجال الصحفي السرعة في التقاط الأحداث لاسيما التصريحات الصحفية، فقبل التطور الهائل في تقنيات الجوال كان الصحفي يحاول أن يدوّن بشكل سريع كل التصريحات التي تصدر إما في المؤتمرات أو اللقاءات الصحفية، وفي ذلك الأثناء قد يسهو الصحفي أو يفقد عبارة هامة من تلك التصريحات، مما يترتب عليه فقدانه لأهم مادة في الخبر الصحفي، لذا أصبح استخدام الجوال لتسجيل اللقاءات أو المؤتمرات الصحفية ضرورة لا يمكن التخلي عنها حتى مع استمرار تدوينها عبر الطريقة التقليدية.

الصحفي الكندي “دان ماقرفي” من قناة CBC اشتهر في تنفيذ اللقاءات وتصميم التسجيلات الصوتية عبر استخدامه جوال من نوع iPhone، وبسماع المثال أدناه، قد تتخيل وكأن اللقاء قد تم تسجيله في استوديو للصوت رغم استخدام الجوال لتغطية المادة الصحفية بكاملها، وفي إطار سرعة انتشار تطبيقات الجوال أصبح بإمكان الصحفي البحث عن التطبيقات المناسبة وفق احتياجاته، وعلى سبيل المثال فإن تطبيق Trint يقدم خدمات بمساعدة تقنية الذكاء الاصطناعي بتحويل الصوت إلى نصوص مما يساعد المحرر سرعة تفريغ النص والاستفادة منها في مادته الصحفية.

3. كأداة لتصوير الفيديو

الفيديو هو المادة الدسمة الأكثر متابعةً وانتشارًا وتداولًا بين كافة الأطياف باختلاف توجهاتهم، لاسيما تلك الفيديوهات الحدثية، ولم يعُد استخدام الجوال حصرًا على منسوبي الصحافة فشخص عابر في أحد الأحداث اليومية قد يكون شريك فعّال في تشكيل الخبر الصحفي لأي مادة صحفية قد تكون الفيديوهات الاستقصائية إحداها.

في إحدى التحقيقات الصحفية التي قامت بها جريدة نيويورك تايمز، شُكل فريق عمل للقيام بمهمة الإجابة عن ما إذا تم استخدام الأسلحة الكيميائية في الهجوم الذي شنه النظام السوري في دوما، كان العمل يعتمد بشكلٍ أساسي على جمع اللقطات المصورة المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل وأثناء وبعد الهجوم، بالإضافة إلى التقارير الإعلامية المصورة التي نُشرت في وسائل الإعلام المختلفة.

الفريق الذي صمم التقرير لم يسافر قط إلى سوريا للإجابة عن هذا السؤال بل استعان بشكلٍ كبيرٍ جدًا بالفيديوهات المنتشرة وتحققوا منها وتم تحليلها فنيًا وتقنيًا للمساعدة في تشكيل القصة، وبالفعل شكّل الفريق من خلالها محتوى مؤثرًا ومقنعًا للإجابة عن السؤال الأساسي، مستعينين بإعادة المشاهد والتحقق من المقاطع المصورة وإعادة تصميم المجسمات بصورة تُساعد القاريء على فهم ما حدث في ذلك اليوم.

4. كأداة لللمراسلات الفورية

يستخدم أغلبنا تطبيق الـ Whatsapp للمراسلات الفورية أو الحصول على معلومة سريعة أو حتى لنقل الملفات أو المواد الصحفية من خلاله كالتصاميم البصرية وغيرها، كما يستخدمه أغلب العاملين في الصحف أو إدارات الاتصال والإعلام لإجراء المراسلات الخاصة بالعمل، وربما أغلب القطاعات الأخرى تقوم بنفس التوجه عبر استخدام تطبيقات المراسلات الفورية في أعمالها اليومية، وكصحفي، يجب ألا يغفل عليك أهمية استخدام مثل هذه التطبيقات في أعمالك اليومية والتي حتما ستساعدك في حل بعض الصعوبات مثل التواصل الفعال أو حتى إنشاء قروبات لمناقشة مشروع إذا ما كان المراسلون في مدن مختلفة.

5. كأداة لتدوين الملاحظات

وأنت تمر في أحد الشوارع المكتظة، قد يطرأ على بالك مادة صحفية مهمة أو عند الوصول إلى قاعة المؤتمر الصحفي تود أن تستذكر الأسئلة التي ترغب في طرحها، وهذه الخاصية متاحة عبر تطبيقات متعددة منها تطبيق الملاحظات المتاح في أغلب أجهزة الجوال، ولتعظيم هذه الأداة فإن الصحفي في بعض الأحيان قد يلجأ إلى كتابة مادة عاجلة عن حدث لنشره بشكل مباشر وعاجل، فخيار استخدام أداة الجوال في هذه الحالة فعال مع العلم أن هناك بعض التطبيقات المتقدمة مثل تطبيق Word لشركة مايكروسوفت متاحة عبر مختلف أنظمة تشغيل الجوال، لذا إن كنت تمتلك جوالًا فحتمًا أنت بحاجة إلى مثل هذا النوع من التطبيقات.

مقالات اخرى: