أربع محاور أساسية في عالم الاتصال والإعلام

في جميع العلوم الطبيعية، هناك قواعد أساسية لا يمكن إغفالها أو الاستغناء عنها حيث تُعَد من مُسلمات العلم وقواعده التي تُبنى عليها بقية المعارف، ففي علم الرياضيات مثلًا، عند حساب المساحة الكلية للمكعب، فإنه يساوي مساحة القاعدة مضروبًا في (6)، كما لا يمكن إغفال مبدأ الطفو لأرخميدس في علم الفيزياء أو الخواص الكيميائية التي تتصف بها المواد في علم الكيمياء والتي تنقسم إلى ثلاثة أنواع أساسية، وهي المواد الصلبة والسائلة والغازية، كذلك فى مجال الإعلام والاتصال، هناك محاور أساسية تُعَد العصب والأساس للعمليات الإعلامية والاتصالية في أي مشروع أو منتج، ولا يمكن بأي حال من الأحوال بناء أي خطة اتصالية أو إعلامية بدون النظر إلى هذه المحاور الأربعة.

تأثير الإعلام في الفئات المستهدفة

يوضح الرسم البياني أعلاه كيف يؤثر الإعلام على الفئات المستهدفة، حيث يوضح تأثير القيام بأنشطة اتصالية وإعلامية مُركزة، تم من خلالها تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة بعد تحليل الأفكار السلبية لدى تلك الفئات، ومواجهتها برسائل اتصالية مقننة وفق قنوات محددة بحسب نوع الفئة، ومن الملاحظ أن هذه الفئات تستجيب وفق انطباعاتها أو إيمانها بالمنتج أو النشاط الإعلامي كما هو موضح في الجانب الأيسر من الرسم، ولتوضيح ذلك، يجب الإشارة إلى أن العمليات الاتصالية أو المشاريع الإعلامية تمر وفق نفس المفهوم العام باعتبارها سلسلة عمليات تؤدي إلى “التأثير المطلوب” أو سريان السلوك اللازم بعد أي عملية اتصال وإعلام، فالهدف المراد من هذه العمليات والإجراءات الاتصالية ما هو إلا لإحداث التأثير وتغيير السلوك أو تعديل مسار النمط أو الفكر السائد لدى الفئة المستهدفة، وتسمى هذه العمليات بـ “الأنشطة الاتصالية”، التي تتضمن –على سبيل المثال لا الحصر- (الاجتماعات، المؤتمرات والبيانات الصحفية، نشرات البريد الإلكتروني، ورش العمل، الحملات الإعلامية، الفيديوهات التوعوية) وغيرها، ويمكن تحديد المحاور الأساسية الأربعة كالآتي:

  • الإنتاج الإعلامي
  • النشر الإعلامي
  • الظهور الإعلامي
  • الأداء الإعلامي
المحور الأول: الإنتاج الإعلامي

تُعد عملية الإنتاج هي أساس أي مشروع إعلامي أو عمل اتصالي، فلا يمكن قيام بقية المحاور بدونه، فلك أن تتخيل أن يكون هناك عمل إعلامي بدون (تقرير فيديو أو موسيقى خلفية أو تصميم إنفوجرافيك…إلخ)، فجميع المنتجات الإعلامية تتضمن رسائل اتصالية ومؤشرات واضحة تهدف إلى التأثير على فئة من فئات الجمهور المستهدف، وعلى سبيل المثال، فإن المنتجات الإعلامية التي تستهدف الحد من أضرار التدخين من الضروري أن تحتوي على رسائل خاصة بكل فئة على النحو التالي:

الفئة

الرسالة

نوع المنتج

المؤشر

الشباب

خطر التدخين على صحة والقوة البدنية للشباب

فيديو توعوي

نسبة تدني عدد المدخنين في فئة الشباب

في استراليا، انطلقت حملة (Meet graham) لتوعية المجتمع بأضرار حوادث السيارات بطريقة غير مباشرة عبر تصميم تخيلي لشكل الإنسان الخارجي حتى يتفادى الموت أو الشلل نتيجة حوادث السيارات، وكانت النتيجة مؤلمة وصادمة للفئة المستهدفة كون الشكل غير حقيقي ويعطي شعور بالألم، وهنا اعتمدت الحملة بشكلٍ أساسي على المنتج الإعلامي نفسه، وهو عصب الحملة الذي استطاع إيصال رسالتها إلى جمهورها المستهدف، كما أن جميع المحتويات التي صُممت كمنتجات مصاحبة اعتمدت في الأساس على أبحاث علمية تعطي الصبغة الحقيقية للرسالة الاتصالية.

المحور الثاني: النشر الإعلامي

وهو المحور الذي يمكن من خلاله إرسال المنتجات الإعلامية للفئات المستهدفة من خلال القناة الاتصالية المناسبة لاهتمامات تلك الفئات والعوامل المحيطة بها سواء اجتماعية أو اقتصادية أو غيرهما، فهناك بعض الفئات المستهدفة لا يمكن الوصول إليها عبر منصات شبكات التواصل الاجتماعية وفئات أخرى قد يصعب استجابتها أو تفاعلها في الفترة الصباحية، وبالتالي يمكن تعريف هذا المحور بأنه قناة التواصل والاتصال بين المرسل والمستقبل في أي عملية نشر إعلامي.

على سبيل المثال، في المناطق الريفية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعند حدوث تقلبات جوية أو ظهور إعصار قمعي (Tornado) فإن السلطات المحلية في تلك المنطقة تُطلق إنذاراتها عبر الراديو أو قنوات التلفزيون بطريقة مختلفة عن المألوف بحيث يتم تعطيل بث القنوات الأرضية والفضائية بشكل كامل وإرسال تحذيرها الإعلامي من خلالها في تلك المدة المقطوعة، وهنا استبعدت السلطات المحلية نشر إنذاراتها عبر وسائل التواصل الاجتماعى نظرًا لأن معظم سكان تلك المناطق من كبار السن الذين لا يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال المقطع أدناه، نجد أن عملية التوعية عبر التلفزيون تتم وفق عملية إنتاجية مختلفة حيث تجد صفارة الإنذار في بداية المقطع، بما يشير إلى مدى أهمية الرسالة التحذيرية التي تحتوي على عدة معلومات مهمة تستهدف الفئة المستهدفة.

تشغيل الفيديو
المحور الثالث: الظهور الإعلامي

وهو المحور المعني بالجمهور المستهدف بشكل كبير، وما إذا كان قد تغير سلوكه بعد وصول الرسالة الاتصالية المناسبة أم لا، فالجماهير إذا لم تتفاعل مع المنتج المُرسل إليها بشكلٍ إيجابي، فإن هذا يعني الفشل فى إيصال تلك الرسالة، وهو ما قد يعود سببه إلى محورين، إما الإنتاج أو النشر الإعلامي، فأحد أو كلا المحورين لم يقوما بالدور المطلوب منهما ليظهر تأثيرهما على المستهدف النهائي، وفي بعض الحالات فإن المنتج الإعلامي وطريقة استعراضه قد يسبب سوء فهم لدى الجمهور المستهدف أو يتعاطى الجمهور معه بطريقة سلبية كما حدث مع منتج “دوف“.

ففي عام 2017م نشرت شركة نيوليفر إعلانًا لمنتجها “دوف” على صفحات موقع الفيسبوك، تضمن صورة امرأة إفريقية تتحول بعد استخدامها للمنتج إلى امرأة بيضاء، وهو ما اعتبره الجمهور المستهدف أسلوبًا عنصريًا من جانب الشركة تجاه ذوي البشرة السمراء، معبرين عن غضبهم من المنتج الاتصالي عبر حساباتهم الخاصة أو من خلال الدعاية نفسها، ما أدى إلى خلق رسالة اتصالية عكسية، واضطرت الشركة إلى حذف الإعلان ونشر بيان رسمي تعتذر فيه عن سوء فهم الجمهور من المادة الاتصالية التي عُرضت، وأنها تخالف قيمها التي تؤمن بها، مبررة موقفها بأن الرسالة الاتصالية الأساسية تُعبر عن جمال المرأة في كلا الحالتين.

المحور الرابع: الأداء الإعلامي

وهو المحور المعني بشكل أساسي بقياس مستوى أداء العمليات الاتصالية أو الإعلامية المطلوب منها تحقيق رسالة اتصالية بعينها، فإذا كانت هناك مؤشرات واضحة في أي خطة إعلامية أو اتصالية فيجب قياسها حتى يمكننا معرفة ما إذا استطعنا الوصول إلى الأهداف المرجوة منها أم لا، فعلى سبيل المثال إذا كانت الأهداف الاستراتيجية لخطة اتصالية تدور حول توعية الناس بخطورة القيادة بسرعة معينة في الطرق الرئيسية، فإنه يمكن قياس مدى تحقيق الأثر المطلوب منها بقياس معدلات تراجع حوادث السيارات في الطرق الرئيسية.

مقالات اخرى: