يُعتبر تحديد الجمهور المستهدف أحد أهم محاور الإنتاج الإعلامي، والتي على أساسِها يتم تصميم المنتجات الإعلامية بما يتناسب مع كل فئة من هذه الفئات، وبالرغم من ذلك، فإنه من المُلاحظ أن أغلب المؤسسات والقطاعات الخاصة لا تُبدي اهتمامًا كافيًا بهذا المحور، بل إن بعضها يتجاوزه ولا يضعه ضمن أساسات بناء المنتجات الإعلامية.
وترتيبًا على ما مضى، فإن الخطة الاتصالية أو الإعلامية لا يمكن أن تستقيم أو تحقق أهدافها في ظل غياب محور “تصنيف الجمهور المستهدف” الذي يعد هدفًا رئيسًا ضمن أهداف الخطة الاتصالية وركيزة أساسية في بناء الاستراتيجية الإعلامية، بما في ذلك اختيار الوسيلة أو القناة الاتصالية المناسبة لهذا الجمهور، وكذلك البرامج والمشاريع والأنشطة التي تلائم كل فئةٍ بعينها وفق عدة معايير وركائز، مع العلم أن تصنيف الفئات لا يقتصر فقط على الاتصال الخارجي، ففي بعض الخطط الاتصالية يجب تضمين الفئات في العمليات الخاصة بالاتصال الداخلي ضمن نطاق المؤسسة، كما في شركة عملاقة مثل أرامكو أو شركة الاتصالات السعودية، ونلاحظ أنه في أغلب الأحيان تُدرج مهام الاتصال الداخلي تحت مسئوليات قسم الموارد البشرية مع التحفظ بأنها طريقة غير فعالة، كون الاتصال بجميع أنشطته لابد أن يتم عبر قسم الاتصال والإعلام.
السؤال الأهم.. كيف يُبنَى تصنيف الفئات المستهدفة في أي خطة اتصالية؟
قبل تصنيف الفئات، يجب أن نعلم جيدًا عدة عوامل أساسية، تفرض علينا بشكل بديهي عملية البدء في تصنيف هذه الفئات، منها -على سبيل المثال لا الحصر- العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، فلِضمان عملية تحديد الفئات بشكلٍ أكثر فعالية ووصول الرسائل الاتصالية إلى الحد الذي يمكّننا من إحداث أثر أو تغيير سلوك معين، يجب علينا أن نحدد الفئات المستهدفة وفق الخطوتين التاليتين، مع العلم بأنه يجب تخصيص ما لا يقل عن شخصين من إدارة الاتصال والإعلام ليقوما بهذه المهمة بطريقةٍ منفصلة عن الفريق، حتى يتمكنا من بناء خريطة الجمهور المستهدف بكل حيادية ودقة.
1. تحليل الموقف (Situation Analysis)
يُعَد “تحليل الموقف” أولى الخطوات اللازمة للحصول على معلومات آلية التغيير والتأثير المطلوبة لدى الفئات المستهدفة، ويقوم هذا التحليل على أساس جمع أكبر كمية ممكنة من البيانات والعوامل المحيطة بالفئات، كالعوامل الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها، وكلما ازدادت كمية البيانات المرصودة عن الحالة أو المشكلة الاتصالية، ارتفعت دقة المعلومات التي ستُبنَى عليها بقية إجراءات تحديد وتصنيف الفئات المستهدفة، كما يسهل عملية استيعاب وفهم طريقة التعامل الاتصالي المناسب لجميع الفئات أو لكل فئة على حدة.
ماهو الهدف من تحليل الموقف؟
- تحديد المشكلة الأساسية ومسبباتها
- فهم السياق العام الذي تتواجد فيه المشكلة.
- تحديد العوامل التي تعيق تغيير السلوك.
خطوات تحليل الموقف:
1.1 تحديد الهدف أو المشكلة
مع كل خطة اتصالية، وحتى نصل إلى النتيجة المرجوة، فإنه يجب علينا تحديد الأهداف الاستراتيجية أو المشكلة التي نود حلها، ومن ثم الانطلاق نحو تحديد الاتجاه أو المسار المناسب لتلك المشلكة.
1.2 صياغة الهدف أو المشكلة
صياغة الهدف بشكلٍ دقيقٍ أو كتابة المشكلة بشكلٍ مفصلٍ لكل أركانها وسياقاتها، حتى يتم البدء في بناء الخطة اللازمة لحلها، فالأهداف العامة أو المشاكل ذات النطاق الواسع ليس لها محل من الإعراب، ولا تقود إلى نتائج دقيقة.
1.3 صياغة الرؤية أو التوجه
هنا لابد أن نحدد الرؤية التي نطمح إليها، والملامح الأساسية للنتيجة التي نود تحقيقها، والمشكلة التي نريد حلها، فتحقيق ذلك لازم لوضح جميع الحلول والأهداف ضمن مسار واضح ومناسب.
1.4 فهم أعمق للمشكلة
بعد صياغة الرؤية وتحديد الأهداف الاستراتيجية أو المشكلة بشكلٍ واضحٍ، يَلزم الغوص بشكلٍ أعمق سعيًا لفهم جميع أبعاد المشكلة من خلال وضع بعض الكلمات الدلالية التي تساعد في عملية البحث عن الحلول أو الأنشطة المناسبة للتغلب على المعوقات الاتصالية، وتحديد الطرق المثلى للوصول إلى الأهداف.
1.5 تحديد نطاق حل المشكلة
يعني ذلك تحديد الاحتياجات الأساسية اللازمة لحل المشكلة، كالمعلومات والبيانات التي تُسهم في تسريع وتيرة فهم الوضع القائم، ومن ثم يجب تحديد قائمة بالتقارير أو الدراسات التي تساعد في عملية تشريح وفهم المشكلة بشكلٍ أعمق، أو العودة إلى مشكلات مشابهة تم حلها بممارسات ناجحة.
1.6 جمع وبحث البيانات المتعلقة
بعد مرحلة البحث والاطلاع على جميع البيانات التي تم رصدها، يمكن الوقوف على بعض التقارير والدراسات المتعلقة بحالات شبيهة لنفس المشكلة الاتصالية التي نود حلها، والتي غالبًا ما تحتوي على إجابات غير مباشرة لأسئلة جوهرية خاصة بمشكلتنا.
1.7 مراجعة وترتيب البيانات
يجب ترتيب البيانات والمعلومات والتقارير وفق قاعدة الأهم ثم المُهم، وحينئذٍ سنلاحظ أن بعض الأسئلة ضمن مشكلتنا الاتصالية مازالت بلا إجابات حتى بعد الاستعانة بالتقارير والدراسات والحالات والمشكلات المشابهة، وهنا تكمن أهمية القيام بورشة عمل مع أصحاب المصلحة للحصول على معلومات أكثر.
1.8 تحليل البيانات وتلخيص النتائج
يلزم تحليل جميع البيانات التي تم رصدها عن المشكلة أو الأهداف التي تم وضعها ومدى تحقيقها، وعند الانتهاء من عملية تحليل الموقف، وفق المعطيات والأدلة والدراسات التي تم جمعها، يمكن حينها صياغة الملخص التنفيذي بصورة تُمكٍن صناع القرار من الاطلاع على المشكلة ومنهجية حلها والنتائج المرجوة.
1.9 تقويم العملية مع أصحاب المصلحة
قد تتطلب المشكلة عقد ورشة عمل مع أصحاب المصلحة لإطلاعهم على ما تم التوصل إليه، أو عقد اجتماعات فردية مع شخصيات قد تضيف الكثير لتحليل الموقف، ويمكن من خلال ذلك الحصول على مزيد من الدقة والمصداقية لما تم التوصل إليه.
2. تحليل الجمهور (Audience Analysis)
تساعدنا مسودة تحليل الجمهور على تحديد الصورة النمطية للشخصيات الأساسية التي يمكننا التعبير من خلالها وفق احتياجات اتصالية محددة، فعلى سبيل المثال، إذا كنت أخصائي اتصال في جهة تعليمية –جامعة حكومية– كجامعة الملك سعود، فهناك شخصيات أساسية يجب أن تدرسها كحالات، على أن يكون لكل حالة دراسة منفصلة، منها (الطلاب، العاملين في الجامعة، أولياء الأمور، الباحثين، أعضاء هيئة التدريس، المستفيدين من خدمات الجامعة) وغيرها من الفئات التي يجب حصرها في بداية تحليل الجمهور الخاص بالخطة الاتصالية.
ما هو الهدف من تحليل الجمهور؟
- تحديد أولويات الفئات المستهدفة.
- تحديد الفئات المستهدفة الأكثر تأثيراً
- توصيف كل فئة من الفئات المستهدفة
خطوات تحليل الجمهور:
2.1 البحث عن الفئات المحتملين
تحديد جميع الفئات المحتملة، سواء كانوا ضمن نطاق الاتصال الداخلي أو الاتصال الخارجي، بمن فيهم الفئات غير المؤثرة بشكل مباشر، حيث أنه قد يتم الاستعانة بهم في مشاريع اتصالية أخرى.
2.2 اختيار أهم الفئات
لأن تحديد الفئات يعتمد بشكل كبير على نوعية الخطة الاتصالية والأهداف الاستراتيجية التي يجب تحقيقها، يتم تحديد أهم الفئات المراد تغيير سلوكها أو التأثير عليها عبر الأنشطة الاتصالية المقترحة.
2.3 توصيف الفئات المحددة
توصيف الحالة الشخصية للفئات من عوامل اقتصادية أو اجتماعية أو حتى المستوى التعليمي للفئة المستهدفة، بالإضافة إلى الآلية المناسبة للتواصل مع تلك الفئة، سواء كانت قنوات إلكترونية أو غير إلكترونية.
2.4 اكتشاف المعرفة والسلوك
يجب تحليل واكتشاف مدى معرفة كل من هذه الفئات بالحالة المراد توعيتهم بها ومدى استجابتهم لها، مما يُسهِل عملية بناء الرسائل الاتصالية وفق هذه التحليلات.
2.5 تحديد العوائق والتحديات
يجب تحديد التحديات التي قد تعيق وصول المنتجات الاتصالية إلى الفئات المستهدفة، وأسباب عدم تفاعلهم مع المشاريع الاتصالية.. ربما قنوات الاتصال غير مناسبة! ربما أي سبب آخر!
2.6 تشكيل الفئات المستهدفة
تصنيف الفئات إلى مجموعات صغيرة بحيث تحتوي كل مجموعة على القواسم المشتركة بين كل فئة وأخرى، وإذا ما كان هناك فئات لم يتم تضمينها يجب إعادة تحليلها.
2.7 تحديد الشخصيات المؤثرة
بناء على ما تم تشكيله، تبرز عدة شخصيات في الفئة المستهدفة الواحدة قد تكون مؤثرة على رأي بقية مكونات وأفراد ذات الفئة، لذا يجب تحديد المؤثرين للاستفادة منهم في المشاريع الاتصالية الخاصة بكل فئة من الفئات.
2.8 ترتيب أولوية المؤثرين
عند تحديد الشخصيات الأكثر تأثيراً في كل فئة (المؤثرون) يجب تحليلهم أيضًا من عدة جوانب، كشخصياتهم وانطباعاتهم وطرق تواصلهم، مع نفس الفئة، وطريقة تأثيرهم على بقية مكونات الفئات المستهدفة، حتى يسهل تصنيف المؤثرين وفقًا لقوة كل منهم.
2.9 تشكيل الملف المعلوماتي
إذا ما تم الوصول إلى هذه المرحلة، فهذا يعني أنه قد تكونت لدينا العديد من المعلومات عن الفئات المستهدفة، وأصبح لدينا ملفًا معلوماتيًا كاملًا لكل فئة من تلك الفئات وطريقة الوصول إليها، أو التأثير عليها عبر منتجات اتصالية محددة.